صم صيامك ولا علاقة لك بغيرك «متفرقات

 

 

 

صم صيامك ولا علاقة لك بغيرك

 

 

كيف ينبغي لي أن أصوم؟ وهل يحقّ لي أن أفرض طريقة صيامي على الجميع، وأطلق العنان للفتاوى: هذا يجوز وهذا لا يجوز؟ ويأتي جواب القدّيس بولس (روما 13/ 11-13، 14 /1- 4): صُم صيامك ولا علاقة لك بغيرك. فهناك مَن يعيش الصَّوم إنطلاقـًا من الالتزام الحرفيّ بما توصي الكنيسة به.

 

إنّه الشَّخص المبتدئ في الحياة الرُّوحيّة. الصَّوم بالنسبة إليه نظام طعام فقط. وإذ أخذت الطوائف الكنسيّة ضعف هؤلاء بعين الاعتبار، طرحت لهم قائمة من الممنوعات والمسموحات، بدون أن تُعلِنَ أنّ هذا هو الصَّوم حصرًا، ولا ينبغي تغيير حرفٍ في هذه القائمة. لأنّها إن أعلنت ذلك، فإنّ الاختلاف بطرائق الصَّوم بين طائفة مسيحيّة وأخرى سيقود هذه الطوائف إلى تكفير بعضها بعضًا.

 

الشَّخص المتقدّم في الحياة الرُّوحيّة لا يحصر صومه بالالتزام بنظامٍ غذائيّ، ولا يسعى إلى الالتفاف حوله لإيجاد طريقةٍ لا تحرمه متعةً يشتهيها، وتسمح له في الآن نفسه بحفظ شرائع الصَّوم غذائيًّا. إنّه يوسّع الدائرة، ويعتبر أنّ الصَّلوات التي تقترحها الكنيسة في زمن الصَّوم، صلاة الغروب يوميًّا، وصلاة المدائح يوم الجمعة، تندرج في سياق مُمارسات الصَّوم.

 

فصوم المُتقدّم روحيًّا يسعى إلى تهذيب الجسد والنفس. التهذيب الأوّل يتمّ بالالتزام بنظامٍ غذائيٍّ يقول فيه لجسده لا! تجاه تعلّقاته، والتهذيب الثاني يتمّ بتغذية النفس بالصَّلوات اليوميّة.

 

ما الذي بقي للبالغين في الحياة الرُّوحيّة؟ هنا يأتي شرح المسيح للصَّوم. البالغ في الحياة الرُّوحيّة يعيش صومه بعمقٍ، ويسعى كي لا يظهر ذلك للآخرين، دومًا بحسب مبدأ: صُم صيامك ولا علاقة لك بغيرك.

 

إنّه يلتزم بالقواعد الغذائيّة حبًّا بأن يكون في شراكة مع الكنيسة التي ينتمي إليها، ورغبة ً بالشّعور بأنّه داخل الجسد.

 

ويلتزم بالصّلوات الليترجيّة بحسب المبدإ نفسه، ويختار أفعالاً فرديّة تلبّي حاجاته الشّخصيّة: قراءة متتالية لسفر من أسفار الكتاب المقدّس مع تأمّله، التزام رسوليّ معيّن، امتناع أو اعتدال أمورٍ يشعر بأنّها سيطرت عليه واستعبدته كالكمبيوتر أو التلفزيون أو المقاهي أو التدخين...

 

في آخر الأمر، الصّوم فترة تجدّد. وكلّ شخصٍ مدعوّ لأن يتفنّن فيه ليتقدّم بحياته الرُّوحيّة باتّجاه الله، غاية كلّ حياةٍ بشريّة.

 

 

الأب سامي حلاّق اليسوعيّ