طوبى لِمَن يَتَناوَلُ الطَّعامَ في مَلَكوتِ الله «متفرقات

 

 

 

 

"غالبًا ما يُصوّر ملكوت السماوات كوليمة ويسوع يدعونا لنحتفل معه ولكن كم من مرّة نختلق الأعذار لكي نرفض دعوته" هذا ما قاله قداس البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح يوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، وقال صحيح أن يسوع صالح ولكنّه عادل أيضًا.

 

 

 

 

استهلَّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من إنجيل القديس لوقا (14/ 25 -33) والذي يتمحور حول دعوة أحد رؤساء الفريسيين ليسوع إلى الطعام وهو تتمّة إنجيل البارحة وفي هذه المناسبة أوصى يسوع الفريسيَّ قائلاً: "إِذا صَنَعتَ غَداءً أَو عَشاء، فَلا تَدعُ أَصدِقاءَكَ وَلا إِخوَتَكَ وَلا أَقرِباءَكَ... فَتَنالَ المُكافَأَةَ عَلى صَنيعِكَ؛ لَكِن إِذا أَقَمتَ مَأَدُبَة، فَادعُ الفُقَراءَ وَالكُسحانَ وَالعُرجانَ وَالعُميان فَطوبى لَكَ إِذ ذاكَ لِأَنَّهُم لَيسَ بِإِمكانِهِم أَن يُكافِئوكَ فَتُكافَأُ في قِيامَةِ الأَبرار" ويتابع الإنجيل بقول أحد جلساء الطعام ليسوع: "طوبى لِمَن يَتَناوَلُ الطَّعامَ في مَلَكوتِ الله".

 

 

 

 

 إنّه نص الرفض. يخبر يسوع قصّة رجل صَنَعَ رعَشاءً فاخِرًا، وَدعا إِلَيهِ كَثيرًا مِنَ النّاس. ثُمَّ أَرسَلَ عَبدَهُ ساعَةَ العَشاءِ يَقولُ لِلمَدعُوِّين: تَعالَوا، فَقَد أُعِدَّ العَشاء. فَجَعلوا كُلُّهُم يَعتَذِرونَ عَلى وَجهٍ واحِد. فهناك من اشترى حقلاً ومن اشترى خمسة فدادين ومن تزوّج لتوّه. كلها أعذار! والاعتذار هو كلمة مؤدبة للرفض، لقد رفضوا بشكل مؤدّب. عندها قال رب البيت لعبده: "أُخرُج عَلى عَجَلٍ إِلى ساحاتِ المَديَنةِ وَشَوارِعِها، وَأَتِ إِلى هُنا بِالفُقَراءِ وَالكُسحانِ وَالعُميانِ وَالعُرجان". وهنا ينتهي النص برفض ثانٍ ولكن هذه المرّة نسمعه من فم يسوع. يسوع هو الذي يرفض، بعد ان انتظر وأعطى فرصة ثانية ولربما ثالثة ورابعة وخامسة... ها هو في النهاية يرفض.

 

 

 

 

وهذا الرفض يجعلنا نفكّر بالمرات التي يدعونا فيها يسوع لنحتفل معه ونكون بقربه ونغيِّر حياتنا. فكّروا أنّه بحث أولاً عن أصدقائه الحميمين ورفضوا! من ثمَّ بحث عن المرضى... فقبلوا وجاؤوا. كم من مرّة نسمع دعوة يسوع لنذهب إليه أو لنقوم بعمل محبّة أو لنصلّي ونلتقي به ونجيبه: "أعتذر يا رب ولكنني مشغول وليس لدي وقت؛ ربما غدًا..." ويسوع يبقى هناك. كم من مرّة نختلق الأعذار مع يسوع. كم من مرّة نعتذر منه عندما يدعونا ليلتقي بنا ويكلّمنا. نحن أيضًا نرفض دعوة يسوع.

 

 

 

 

 ليفكّر كلُّ فرد منا: كم مرّة شعرت في حياتي بإلهام الروح القدس لأقوم بعمل محبّة وألتقي بيسوع في عمل المحبّة هذا؛ أو لأذهب للصلاة وأغيّر حياتي ووجدت دائمًا السبب لأعتذر وأرفض. لكن من سيدخل ملكوت الله في النهاية هو الشخص الذي لا يرفض يسوع أو الذي لا يرفضه يسوع. ولمن يعتقد أنَّ يسوع صالح جدًّا وسيغفر كلُّ شيء في النهاية أقول: نعم هو صالح ورحوم ولكنّه عادل. ولكن إن أغلقت باب قلبك من الداخل فهو لن يفتحه لأنّه يحترم قلبنا جدًّا. وبالتالي فرفض يسوع هو إغلاق القلب من الداخل وهو لن يتمكّن أبدًا من الدخول. ولا أحد منا عندما يرفض يسوع يفكّر بهذا الأمر: "انا أغلق الباب من الداخل ويسوع لن يتمكّن من الدخول!".

 

 

 

ولكن هناك عنصر آخر توّجه نحوه اهتمام البابا وهو من سيدفع تكاليف الوليمة؟ يسوع هو الذي يدفع. في رسالة القديس بولس إلى أهل فيليبي (2/ 12 -18) يرينا الرسول فاتورة هذه الوليمة إذ يقول لنا: "فَمَعَ أَنَّهُ في صورَةِ الله، لَم يَعُدَّ مُساواتَهِ للهِ غَنيمَة. بَل تَجَرَّدَ مِن ذاتِهِ مُتَّخِذًا صورَةَ العَبد، وَصارَ عَلى مِثالِ البَشَر، وَظَهَرَ بِمَظهَرِ الإِنسان. فَوَضَعَ نَفسَهُ، وَأَطاعَ حَتّى المَوت، مَوتِ الصَّليب". بحياته دفع يسوع تكاليف الوليمة وأنا أعتذر وأقول له "لا يمكنني أن آتي...!" ليمنحنا الرب نعمة أن نفهم سرَّ قساوة القلب والعناد والرفض ونعمة البكاء.     

 

 

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.