عظة البطريرك الرّاعي الجمعة العظيمة «متفرقات

 

 

 

"نسجد لك أيّها المسيح ونباركك، لأنّك بصليبك المقدّس خلَّصت العالم"

 

 

 

 

      1. نسجد لآلام المسيح الذي غسلَتْ خطايانا وخطايا جميع البشر، وقدّسَتْ كلّ ألم بشريّ، وأعطته قيمة فداء. ونسجد للصّليب الذي صُلب عليه ربّنا يسوع، وجعله جسر خلاص وعبور إلى ملكوت السّماء. في هذا اليوم المقدّس ننضمّ إلى جميع المسيحيّين الذين يلتقون على أقدام الصّليب، وننظر معهم إليه بروح التّوبة وإلتماس الغفران كما جاء على لسان النّبيّ زكريّا: "سينظرون إلى الذي طَعَنوا" (زكريا10:12؛ يو37:19).

 

 

 

 

      2. موت المسيح الذي "أسلمَ ذاته له من أجل خطايانا"، حدث تاريخيّ سمعنا روايته بحسب الإنجيليّين الأربعة متى ومرقس ولوقا ويوحنّا. وفيما كنّا نصغي خالجتْ نفس كلّ واحد وواحدة منّا كلمة بولس الرسول: "أحبَّني وجاد بنفسه من أجلي. فلن أُبطل نعمة الله. فما أنا أحيا بعد ذلك، بل المسيح يحيا فيّ" (غلا2: 20-21).

 

 

 

      3. لقد أصغينا إلى روايات الإنجيليّين، وكنّا في حالة تتلمذ للمسيح المعلّم والفادي. فأكمل دستور الحياة المسيحيّة الذي أعلنه على جبل التّطويبات بسبع أمثولات من جبل صليبه تشكّل نهج الحياة المسيحيّة:

 

 

 

      1- غفران الإساءة هو ذروة المحبّة: "يا أبتِ إغفر لهم، لأنّهم لا يدرون ماذا يفعلون" (لو34:23).

 

 

 

      2- الأبوّة والأمومة الرّوحيّة الشّاملة تنبع من الألم الشّخصيّ مثل أمومة مريم العذراء للبشر أجمعين: "يا إمرأة هذا ابنكِ، يا يوحنّا هذه أمّكَ" (يو19: 56-27).

 

 

 

      3- التّوبة على مثال لصّ اليمين هي باب الخلاص: "أذكرني، يا سيّدي، متى أتيتَ في ملكوتك! اليوم تكون معي في الفردوس" (لو23: 42-43).

 

 

 

      4- اختبار صمت الله في الضّيق ومناجاته بثبات الرّجاء وروح البنوّة، على مثال يسوع: "إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟!" (متى46:27).

 

 

      5- العطش إلى المحبّة والرّحمة والعدالة بوجه كلّ شرّ: "أنا عطشان" (يو28:19).

 

 

 

      6- إتمام الغاية من الحياة  كما يريدها الله لنستطيع أن نقول في مساء الحياة: "لقد تمّ كلّ شيء" (يو30:19).

 

 

 

      7- تسليم وديعة الحياة للآب الذي خلقها: "يا أبتِ، بين يديك أستودع روحي" (لو46:23).

 

 

 

      4. عندما نسير في زيّاح نعش المسيح، نأخذ القصد بأن نقتدي بمحبّته وتفانيه، هو الذي جاد بنفسه لأجلنا قربانًا وذبيحةً لله مرضيّة" (أفسس12:5).

 

 

 

      وفيما نقبّل صليب فدائنا، نقرّ بأنّنا أسأنا إلى الفادي الإلهيّ، وطعنّا حبّه برمح خطايانا وشرّنا. ونلتمس من رحمته اللّامتناهية الغفران ونعمة القصد بعدم الرّجوع إليها.

 

 

 

 

      5. من أمّنا السّماويّة مريم العذراء، التي حزنت حزنًا عميقًا على موت ابنها يسوع، وتحزن لكلّ ألم يعيشه أبناؤها وبناتها على وجه الأرض، نلتمس أن تستمدّ لنا من الفادي الإلهيّ نعمة الثّبات في مقاصدنا الصّالحة، والوصول إلى ميناء الخلاص بنعمة ربّنا يسوع المسيح، فنموت عن حالة الخطيئة بتوبتنا، ونقوم بنعمة قيامته لحياة جديدة. فنستحقّ أن نهتف: المسيح قام! حقًا قام!

 

 

 

      للثّالوث القدّوس، الآب والابن والرّوح القدس كلّ مجدٍ وتسبيح وشكر، الآن وإلى الأبد، آمين.

 

 

 

موقع بكركي.