كلمة البابا في عيد العذراء مريم سيّدة غوادالوبي «متفرقات

 

 

 

 

 

كلمة البابا في عيد العذراء مريم سيّدة غوادالوبي

 

ترأس قداسة البابا فرنسيس عصر الثلاثاء في بازيليك القدّيس بطرس القدّاس الإلهيّ بمناسبة الاحتفال بعيد العذراء مريم سيّدة غوادالوبي شفيعة أمريكا اللاتينيّة وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة قال فيها:

 

إنّ الإنجيل الذي أعلناه هو مقدِّمة نشيدَين كبيرَين: نشيد مريم (لو1/ 46 - 56) المعروف بنشيد "تُعظِّم نفسي الرّب" ونشيد زكريّا (لو1 / 67 - 80)، ويطيب لي أن أدعوه "نشيد أليصابات أو نشيد الخصوبة"؛ آلاف المسيحيّين في العالم يبدؤون نهارهم منشدين: "مبارك الرّب" ويختتمونه معلنين عظمته لأنّه نظر بصلاح إلى صِغر عبيده. بهذا الشكل يسعى المؤمنون كي يتذكَّروا أنّ رحمة الله تمتدُّ من جيل إلى جيل كما وعد آباءنا. وفي إطار الذكرى المُمتنّة يُزهر نشيد أليصابات كسؤال: "مِن أَينَ لي هذَا، أَن تَأتِيَ إِليَّ أُمُّ ربِّي؟". وبالتالي نجد أليصابات المرأة المطبوعة بعلامة العُقم تنشد تحت شعار الخصوبة والدهشة.

 

 أريد أن أسلِّط الضّوء على هذين الجانبين. أليصابات المرأة المطبوعة بعلامة العُقم وبعلامة الخصوبة. أليصابات المرأة العاقر، بكلّ ما يعني هذا الأمر للذهنيّة الدينيّة لزمنها والتي كانت تعتبر العُقم كقصاص دينيّ ثمرة خطيئتها أو خطيئة زوجها. لنتخيَّل للحظة نظرات أقاربها وجيرانها... عقم عميق يشلُّ الحياة بأسرها.

 

عقم يمكنه أن يأخذ أسماءً وأشكالاً عديدة في كلِّ مرّة يشعر فيها شخص بالخجل لأنّه تعرّض للإذلال أو لأنّه يشعر أن لا قيمة له. هذا ما نراه أيضًا في خوان دييغو عندما قال للعذراء: "في الحقيقة أنا لا قيمة لي... وليس مكاني حيث ترسليني"، وهذا الشّعور يمكننا أن نجده في العديد من جماعاتنا من الشّعوب الأصليّة التي لا تحظى بالكرامة والمساواة، وفي النساء اللواتي يتعرّضن للتهميش والشباب الذين لا يملكون الفرصة للتقدم في دراساتهم أو للدخول في عالم العمل كي ينموا ويبنوا عائلة وفي العديد من الفقراء والعاطلين عن العمل والمهاجرين والنازحين.

 

 مع أليصابات العاقر نتأمّل أليصابات المرأة الخصبة والمندهشة. فهي أوّل من اعترف بمريم وباركها، وهي التي في شيخوختها اختبرت في حياتها وجسدها تمام الوعد الذي قطعه الله. وتلك التي لم يكن بإمكانها أن تلد حملت في أحشائها السّابق. وبالتالي نفهم من خلالها أنَّ حلم الله ليس ولن يكون أبدًا العُقم أو أن يُشعر أبناءه بالخجل وإنّما أن ينبعث فيهم ومنهم نشيد بركة. وهذا الأمر نراه أيضًا في خوان دييغو، إذ كان هو الذي حمل في ثوبه صورة العذراء، وبالتالي يبدو لنا مرّة أخرى أنَّ الله يُصرُّ على أن يظهر لنا أن الحجر الذي رذله البناؤون قد صار رأس الزاوية.

 

أيّها الإخوة الأحبّاء، وسط هذه الجدليّة حول الخصوبة والعقم لننظر إلى غنى شعوبنا في أمريكا اللاتينيّة وتنوّعها الثقافي، إنّهما الغنى الذي دُعينا لا لنُعزّزه وحسب وإنّما أيضًا لندافع عنه ضدّ كلّ محاولة تجانس تفرض أسلوبًا واحدًا في التفكير والشعور والعيش يجعل إرث آبائنا عقيمًا.

 

أمُّ الله هي صورة الكنيسة ومنها نريد أن نتعلّم أن نكون كنيسة بوجه فقير وعاطل عن العمل وطفل ومسن وشاب لكي لا يشعر أحد أنّه عقيم أو يشعر بالخجل. بل وعلى مثال أليصابات وخوان دييغو ليشعر بأنّه حامل وعد ورجاء ويعلن من قلبه: "أبا أيها الآب!".

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.