لنطلب نعمة اللقاء بالمسيح القائم من الموت «متفرقات

 

 

 

 

زار قداسة البابا فرنسيس رعيّة القدِّيس باولو دي لا كروشيه في ضواحي روما حيث كان جميع الأهالي بانتظاره وافتتح الحبر الأعظم زيارته بلقاء مع الأطفال الذين يستعدّون لنوال سرّي المناولة الأولى والتثبيت وقد أجاب البابا خلال هذا اللقاء على أسئلة طرحها عليه الأطفال حول الإنجيل وانتخابه والحياة والخلاص بعد الموت وقد شرح الأب الأقدس أن من بين أجمل المقاطع في الإنجيل بالنسبة له هناك دعوة القدّيس متّى جابي الضرائب الذي دعاه يسوع وقال لماذا يعجبني هذا المقطع لأنّنا نرى فيه القوّة التي يملكها يسوع في تغيير القلوب.

 

 جميعنا أبناء الله حتى غير المعمّدين والذين يؤمنون بديانات أخرى؛ حتى رجال المافيا هم أبناء الله ولكنّهم يفضّلون أن يتصرّفوا كأبناء الشيطان، وبالتالي علينا أن نصلّي من أجلهم لكي يعودوا ويعترفوا بالله. إنَّ الله قد خلق الجميع وأحبّهم ووضع في قلوبهم يقين التمييز بين الخير والشرّ ولكن عندما ننال سرَّ المعموديّة يدخل الرُّوح القدس في هذا اليقين ويعزّز انتماءنا لله.

 

بعدها أجاب الأب الأقدس على سؤال حول ما شعر به لحظة انتخابه حبرًا أعظم وقال إنّه الشّعور الذي يشعر فيه المرء عندما يكون هناك دعوة حقيقيّة من الرَّب، شعور بالسَّلام؛ لقد شعرت بالسَّلام!

 

ومن بين اللحظات المؤثّرة كان العناق الطويل بين البابا فرنسيس وطفل فقد أباه وقد بكى على كتف الحبر الأعظم سائلاً إيَّاه إن كان أباه الآن في السَّماء وهو سؤال يقلقه لأنَّ أباه لم يكن مؤمنًا بالرغم من أنّه منح سرّ المعموديّة لأبنائه جميعًا وبالتالي طمأنه البابا قائلاً: إنّها شهادة ابن قد ورث قوّة أباه والشجاعة أيضًا ليبكي أمام الجميع. فإن كان هذا الرّجل قادرًا على إنجاب ابن كهذا فلقد كان بالتأكيد رجلًا صالحًا؛ ربما لم يكن هذا الرّجل يملك عطيّة الإيمان ولكنّه منح سرّ المعموديّة لأبنائه وهذه علامة أنّه كان صاحب قلب طيّب فلا تقلق لأنَّ الله هو الذي يقرّر من يذهب إلى السَّماء.

 

بعدها التقى الأب الأقدس بمسنّي الرعيّة الذين توجّه إليهم بكلمات عفويّة قائلاً أعرف أنَّ كلٌّ منكم يعاني من العديد من المشاكل والأمراض والآلام والمشاكل الروحيّة أو مشاكل في العائلة، كلٌّ منكم لديه ألمه وجرحه لكن لا يجب لهذا الأمر أن ينتزع منكم رجاءكم أو فرحكم لأنَّ يسوع قد جاء ليدفع ثمن جراحنا بجراحه، هو يحبّنا ولذلك في كلِّ مرّة تخنقنا آلامنا ومشاكلنا لنفكّر بآلام يسوع الذي بها دفع من أجلنا كلّنا ولنسر قدمًا. وختم البابا مذكّرًا المسنّين أنّه بإمكاننا جميعًا أن نصنع الخير انطلاقًا من الصّلاة من أجل الآخرين.

 

بعد اللقاء بالمسنّين التقى الحبر الأعظم بعدد من المساجين السَّابقين ومنح سرّ الاعتراف لبعض الأشخاص ثمَّ ترأس الذبيحة الإلهيّة في كنيسة الرعيّة وألقى عظة للمناسبة قال فيها لقد كان التلاميذ يعرفون أنّ يسوع قد قام من الموت لأنَّ مريم المجدليّة كانت قد أخبرتهم في صباح ذلك اليوم بعدها كان بطرس قد رأى أنّه قام أيضًا والتلميذان اللذان عادا من عمّاوس قد أخبراهم عن لقائهما بيسوع القائم من الموت. لقد كانوا يعرفون أنّه قام وهو حيّ، ولكنَّ تلك الحقيقة لم تكن قد دخلت إلى قلوبهم بعد، لقد كانوا يعرفون تلك الحقيقة ولكنّهم كانوا لا يزالون يشكّون.

 

تابع البابا فرنسيس يقول وفيما كانوا مجتمعين إِذا بِيسوع يقومُ بَينَهم فيَقول: "السَّلامُ علَيكُم!" فأَخَذَهُمُ الفَزَعُ والخَوفُ، وَتَوَهَّموا أَنَّهم يَرَونَ رُوحًا. فقالَ لَهم: "ما بالُكم مُضطَرِبين، ولِمَ ثارَتِ الشُّكوكُ في قُلوبِكم؟ أُنظُروا إِلى يَدَيَّ ورِجلَيَّ. أَنا هو بِنَفسي. إِلمِسوني وانظُروا، فإِنَّ الرُّوحَ ليسَ له لَحمٌ ولا عَظمٌ كما تَرَونَ لي". قالَ هذا وأَراهُم يَدَيهِ وَرِجلَيهِ. ولكن لماذا لم يؤمنوا؟ لماذا كانوا يشكّون؟ نجد الجواب في الإنجيل: "لم يُصَدِّقوا مِنَ الفَرَحِ، وظَلُّوا يَتَعَجَّبون" إنّه الفرح الكبير! لم يصدِّقوا لأنَّ فرحهم كان كبيرًا وهذا هو الفرح الذي يقود إلى المسيح.

هذا ما نعيشه نحن أيضًا عندما ينقلون إلينا بشرى سارة. قبل أن نقبلها في قلوبنا نتساءل: "هل هذا صحيح؟ كيف عرفتَ ذلك؟ من أخبركَ؟"؛ نقوم بذلك لنتأكَّد لأنّه إن كان هذا الأمر صحيحًا فهذا لفرح عظيم. هذا الأمر يحصل في حياتنا اليوميّة البسيطة فتخيّلوا إذًا كيف كان الأمر بالنسبة للرُّسل! لقد كان يغمرهم فرح عظيم، وبالرّغم من أنّهم كانوا يرونه لكنّهم لم يتمكّنوا من قبول هذه الحقيقة بعد ولا أن يسمحوا لها بأن تنتقل إلى قلوبهم، لكنّهم آمنوا في النهاية. وهذا هو الشباب المتجدّد الذي تحدّثنا عنه في صلاة الجماعة، لقد اعتدنا جميعًا أن نشيخ مع الخطيئة، لأنَّ الخطيئة تجعل القلب يشيخ وتتعبه فنفقد إيماننا بالمسيح القائم من الموت وقد نفكّر: "نعم إنّه لفرح عظيم هو حيّ ولكنّه في السَّماء يقوم بأموره" ولكنّنا نحن أموره واهتماماته! كلُّ فرد منّا ولكن للأسف لسنا قادرين على ربط الأمور بهذه الطريقة.

 يكتب القدِّيس يوحنَّا في رسالته: "إِن خَطِئ أَحدٌ فهُناك شَفيعٌ لَنا عِندَ الآب وهو يسوعُ المَسيحُ البارّ. إِنَّه كَفَّارةٌ لِخَطايانا لا لِخَطايانا وحْدَها بل لِخَطايا العالَمِ أَجمعَ"، وبالتالي لا يجب أن تخافوا لأنّه يغفر لنا ويجدّدنا. صحيح أنّ الخطيئة تجعلنا نشيخ ولكنَّ يسوع القائم من الموت والحي يجدّدنا. هذه هي قوّة يسوع القائم من الموت. نحن نقترب من سرِّ التوبة لكي نتجدّد ونستعيد شبابنا وهذا ما يفعله يسوع القائم من الموت. ويسوع القائم من الموت الحاضر بيننا سيحضر أيضًا هنا على المذبح وفي الكلمة... وسيكون أيضًا قائمًا من الموت! يسوع يريد أن يدافع عنّا هو الشفيع لنا عندما نخطئ لكي يعيد لنا شبابنا.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء لنطلب نعمة الإيمان بأن يسوع قام من الموت وهو حيّ! هذا هو إيماننا وإن كنّا نؤمن بهذا الأمر فجميع الأمور الأخرى ستكون ثانويّة. هذه هي حياتنا وهذا هو شبابنا الحقيقيّ: انتصار المسيح على الموت والخطيئة. نعم إنّ يسوع حيّ، وعندما تتناول كُن أكيدًا أنَّ يسوع حاضر هناك وحي في وسطنا، وإن لم نؤمن بذلك فلن نكون أبدًا مسيحيِّين صالحين.

إذاعة الفاتيكان.