ما الذي يدفعنا للاستهزاء بالضعفاء؟ «متفرقات

 

 

ما هو الشيء الموجود في داخلنا والذي يدفعنا للاستهزاء بالضعفاء؟

 

 

"ما هو الشيء الموجود في داخلنا والذي يدفعنا للاستهزاء بالضعفاء؟" هذا هو السُّؤال الذي طرحه قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ في كابلة بيت القدِّيسة مرتا بالفاتيكان، وأكّد الأب الأقدس خلالها أنَّ الشيطان هو خلف هذا التصرُّف.

 

استهلّ البابا فرنسيس عظته انطلاقـًا من سفر صموئيل الأوّل (1/ 1 -8) والذي يخبرنا عن والديّ النبيّ صموئيل ألقانة وحنّة. كانَت لألقانة امرَأَتان، اسمُ إِحداهُما حَنَّة، وَاسمُ ٱلأُخرى فنِنَّة. فَرُزِقَت فنِنَّةُ بَنين، وَحَنَّةُ لَم يَكُن لَها بَنون، وبدلاً من أن تعزّيها كانت فننَّة تُغضِبُها مُعَنِّتةً لَها، لأنَّ الرَّبَّ حَبَسَ رَحِمَها.

 

هذا الأمر يحدث أيضًا في صفحات أخرى من الكتاب المقدّس، تابع البابا يقول مُشيرًا إلى ما يحدث بين هاجَر وساراي زوجتي إبراهيم، لكن تعنيت الضعيف وازدراءه هي أيضًا مواقف الرّجال كما في حالة جوليات وداود، لنفكِّر أيضًا بزوجة أيّوب وزوجة طوبيا اللتين كانتا تزدريان زوجيهما المتألِّمَين.

 

أتساءل ماذا يوجد داخل هؤلاء الأشخاص؟ ما هو الشيء الموجود في داخلنا والذي يحملنا على ازدراء الضعفاء وإساءة معاملتهم؟ يمكننا أن نفهم شخصًا يغضب ويعادي شخصًا أقوى منه لأنَّ الحسد والغيرة قد يقوداه إلى ذلك... ولكن أن يحصل هذا الأمر مع الضعفاء هذا أمر لا يمكن فهمه! فما هو إذًا هذا الشيء الموجود في داخلنا والذي يحملنا على فعل ذلك؟ إنّه أمر اعتياديّ كما ولو أنني بحاجة لازدراء الآخر لأشعر بالأمان.

 

هذا الأمر يحصل أيضًا بين الأطفال وتحدَّث البابا في هذا السِّياق عن ذكرى من طفولته وقال لقد كان في الحيّ الذي أعيش فيه امرأة تعاني من مرض نفسيّ وكانت تدور في الحيّ النهار كلّه، وكانت النساء يعطينها لتأكل وتلبس لكن الأطفال في الحيّ كانوا يستهزئون بها ويضحكون عليها، حتى الأطفال بإمكانهم أن يكونوا أشرارًا ويستهزئوا بالضعفاء!

 

واليوم نرى هذا الأمر باستمرار في المدارس في ظاهرة التهويل أي الاعتداء على الضّعيف لأنّه سمين أو لأنّه غريب أو لأنّه أسود... وبالتالي فليست فقط فننَّة أو هاجر أو زوجتا طوبي وأيّوب وإنّما الأطفال أيضًا، وهذا يعني أنّ هناك شيء في داخلنا يحملنا على فعل ذلك أي على الاعتداء على الضعيف وأعتقد أن هذا الأمر هو من رواسب الخطيئة الأصليّة.

 

 قد يُعطي علماء النفس شروحاتهم لهذه الرَّغبة بتدمير الآخر لأنّه ضعيف ولكنّني أقول إنَّها من رواسب الخطيئة الأصليّة وأنّها من الشيطان الذي لا يعرف الشفقة أو الرأفة. عندما نقول إزاء الرَّغبة في القيام بعمل صالح أو بعمل محبّة: "إنَّ الرّوح القدس هو الذي يُلهمني على فعل ذلك"، هكذا تمامًا عندما نُدرك أنّنا نحمل في داخلنا هذه الرَّغبة في الاعتداء على الضعيف فلا يجب أن نشكَّ أبدًا أنّ الشيطان هو وراءها، لأنَّ الاعتداء على الضعيف هو من أعمال الشيطان.

 

 لنطلب من الرّبّ أن يعطينا نعمة الشفقة التي يتحلّى بها الله الذي يُشفق علينا ويساعدنا في مسيرتنا.

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.