من أنا في قول الإيمان؟ «متفرقات

 

 

من أنا في قول الإيمان؟

 

 

 

إنجيل  ( متى 16، 13 – 20)  والإنجيل الذي سنقرأه الأحد القادم والذي يأتي مباشرة بعد نص اليوم، يشكلان وحدة متكاملة لأنهم يرسمون لنا دائرة عبورين لا بد منهما ويشكلان كليّة الإيمان.

 

الأول هو استقبال كلي: أمام يسوع، مستمعين لكلامه ومعجبين بأعماله، علينا أن نعطي جواباً على سؤال هويته الذي يجوب الأناجيل بمجملها: من هو هذا الإنسان؟ ولدى يوحنا: من أين يأتي؟ وقد تكون لدينا الرغبة في القول: من أين خرج «طلع» هذا الإنسان؟

 

هذه المرحلة الأولى من الإيمان تتناسب مع تنقل المسيح نفسه؛ يأتي من الآب «وينزل» إلينا. فعلى الصليب وأثناء وضعه في القبر يصل إلى أسفل ما يمكن. ثم يأتي النصف الثاني للدائرة، النصف الصاعد وهي عودة يسوع إلى الآب: على الإيمان أن يتبعه إلى هنا.

 

واليوم نحن نبقى على مستوى النصف الأول، على مستوى سؤال الهوية. بجوابه، يستبق بطرس ما سيُكشف في يوم القيامة: «أنت المسيح، ابن الله الحيّ». بالنسبة للناس، إنه من بين شخصيات الماضي: يوحنا المعمدان، إيليا، إرميا. لكن بالنسبة إلينا، من هو؟ يمكننا أن نسمع اليوم أيضاً يسوع يسأل: من أنا في قول الإيمان؟ بالطبع نتبنى جواب بطرس، لكن ماذا نضع وراء كلماته؟

 

 سمعان بطرس هو بالفعل ابن يونا بينما يسوع هو ابن الله الحيّ، لكن ليس هذا الميراث الجسدي الذي يتكلم، ببطرس، إنما ميراث يسوع نفسه: «أبي الذي في السماوات»، هذا ما يجعل من سمعان بطريقة ما ابن الله. في الواقع، كل من يعترف بيسوع ابن الله يدخل في ميراثه ويشترك في ألوهيته. وهذا لأننا لا نستطيع الإيمان ببنوته دون أن يتكلم صوت الآب فينا.

 

 لهذا السبب يمكن ليسوع أن يقول لمريم المجدلية في يوم القيامة: «إني صاعد إلى أبي وأبيكم» (يو 20، 17). هذا يجعلنا نفكر بكلام المسيح أيضاً في إنجيل يوحنا: «ما من أحد يستطيع أن يأتي إليَّ إلاَّ إذا اجتذبه الآب» (6، 44). لقد تكلمت عن استباق الإيمان الفصحي، بخصوص إعلان إيمان بطرس. ولكن علينا أن نعي صعود المسيح إلى أبيه، لكي نفهم بأنه «نزل أولاً».

 

 هكذا تُغلق الدائرة التي يعبر عنها نشيد فيليبي (2، 6 - 11). ولكن في النهاية فقط تجثو كل ركبة ويمكننا الاعتراف بأن يسوع المسيح هو الربّ. فماذا نعني بعبارة «ابن الله»؟ نعلم جيداً أن هنا يوجد حاجز أو عائق لم يتجاوزه الإسلام. من الواضح بأن كلمة «الابن»، بخصوص المسيح، ليس لها المعنى المستعمل في لغتنا العادية. ولهذا السبب الكتاب المقدس يستعمل بخصوص الابن مرادفات كالكلمة أو الحكمة.

 

 فيسوع هو كل ذلك. إنه أكثر من ابن. وهناك توازي مذهل في النص: «أنت المسيح» «أنت الصخرة»، هوية أبدية ليسوع، وهوية جديدة لسمعان بن يونا. كذلك أبرام، «الأب المتعالي»، أصبح إبراهيم، «أب الجموع». إنسان آخر، تغيير الاسم، يعني تغيير في المصير.

 

لا ننسى أنه على مسار الكتاب المقدس الله نفسه هو حجر الأساس الذي عليه يمكن أن نبني أو نستند، الصخرة التي نحتمي بها ونلتجئ إليها «الرَّبُّ صَخرَتي وحِصْني ومُنقِذي إِلهي الصَّخرُ بِه أَعتَصِم تُرْسي وقُوَّةُ خَلاصي ومَلْجَأي» (مز 18، 3). لدى الأنبياء، غالباً المسيح الآتي هو الموصوف بالصخرة. كذلك ينقل يسوع لبطرس أحد ألقابه المسيحانية. فبطرس يصبح مسيحاً آخر.

 

 لكن في الفصل 18، 18 من إنجيل متى نرى يسوع يعطي لجميع التلاميذ وليس فقط لبطرس وحده، سلطة الربط والحلّ. الحلّ يعني الحرية، والربط يعني الوحدة. فالقرارات التي يأخذها الناس في الأرض تحرك شيئاً في السماء، أي في الله أو، إن أردنا، ستكون مؤيَّدة من قبله. إنه منطق العهد، دائماً.

 

 

 

الاب رامي الياس اليسوعي.