هل نستحق الطوبى؟! «متفرقات

 

 

 

هل نستحق الطوبى؟!

 

 

 

بمناسبة عيد جميع القدِّيسين تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر يوم الأربعاء صلاة التبشير الملائكيّ مع وفود الحجّاج والمؤمنين احتشدوا في ساحة القدِّيس بطرس وقبل الصَّلاة ألقى الأب الأقدس كلمة استهلّها بالقول

 

عيد جميع القدِّيسين هو عيدنا ليس لأنّنا أشخاص طيّبين وإنّما لأنَّ قداسة الله قد لمست حياتنا. القدِّيسون ليسوا نماذج كاملة بل أشخاصًا قد "اجتازهم" الله، وبالتالي يُمكننا أن نشبّههم بالزّجاج المعشّق في الكنائس والذي يسمح للنّور بالدّخول بأدراج ألوان مختلفة. القدِّيسون هم إخوتنا وأخواتنا الذين قبلوا نور الله في قلوبهم ونقلوه إلى العالم، كلٌّ بدرجة لون مختلفة.

 

 في الواقع، يتوجّه يسوع اليوم إلى تلاميذه وإلينا جميعًا بكلمة "طوبى" (متى 5، 3). إنّها الكلمة التي بدأ بها بشارته التي هي بُشرى سارّة لأنّها درب السّعادة. من يكون مع يسوع يستحقُّ الطوبى ويكون سعيدًا. السّعادة ليست في امتلاك شيء ما أو في أن نصبح شخصًا ما، لا! السّعادة هي أن نكون مع الرّبّ ونعيش في سبيل الحبّ. هل تؤمنون بهذا؟

 

وبالتالي تدعى مكوّنات الحياة السّعيدة تطويبات: طوبى للبسطاء والمتواضعين الذين يفسحون المجال لله ويعرفون كيف يبكون من أجل الآخرين ومن أجل أخطائهم، يحافظون على وداعتهم ويكافحون من أجل العدالة، هم رحماء مع الجميع ويحافظون على نقاوة القلب ويعملون على الدوام من أجل السّلام ويثبتون في الفرح، لا يكرهون وحتى عندما يتألّمون يجيبون على الشرِّ بالخير.

 

 هذه هي التطويبات. لا تتطلّب تصرّفات مدهشة لأنّها ليست صفات رجال خارقين وإنّما صفات من يعيش صعوبات وتعب كلِّ يوم. هكذا هم القدّيسون: يتنفّسون كالجميع الهواء الملوّث بالشرّ الموجود في العالم، ولكنّهم لا يحيدون خلال مسيرتهم عن الدّرب التي رسمها يسوع، والتي أشار إليها بواسطة التطويبات التي تشكّل خريطة للحياة المسيحيّة. اليوم هو عيد جميع الذين بلغوا الهدف الذي تدل إليه هذه الخريطة، إنّه عيد العائلة، عيد العديد من الأشخاص البسطاء الذين يعيشون في الخفاء ويساعدون الله في الواقع لكي يقود العالم قدمًا، وهم كثيرون اليوم أيضًا.

 

 تقول الطوبى الأولى: "طوبى لِفُقَراءِ الرّوح"، ما معنى هذا القول؟ أي أولئك الذين لا يعيشون من أجل النجاح والسلطة والمال ويعرفون أن من يكتنز كنوزًا لنفسه لا يغتني أمام الله. هم يؤمنون أنَّ الرَّبَّ هو كنز الحياة ومحبّة القريب هي مصدر الرّبح الوحيد. نستاء أحيانًا لشيء ينقصنا أو نقلق إن لم يتمَّ اعتبارنا كما نريد، لكن لنتذكّر أنّ الطوبى التي نستحقّها ليست هنا وإنّما في الرَّبّ والمحبّة.

 

 أريد أن أذكر أخيرًا طوبى أخرى ليست موجودة في الإنجيل وإنّما في نهاية الكتاب المقدّس وتتحدّث عن نهاية الحياة: "طوبى لِلأَمواتِ الَّذينَ يَموتونَ في الرَّبّ" (رؤيا 14، 13). سندعى غدًا لنرافق أمواتنا بالصّلاة لكي يتنعّموا بالرَّبِّ على الدوام. لنذكر بامتنان أحباءنا ولنصلِّ من أجلهم. وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول لتشفع أم الله، سلطانة القدّيسين وباب السّماء، بمسيرتنا إلى القداسة وبأحبائنا الذين سبقونا ورحلوا إلى الوطن السماويّ.

 

تحزنني الاعتداءات الإرهابيّة التي حصلت خلال هذه الأيّام الأخيرة في الصومال وأفغانستان وأمس في نيويورك. وإذ أستنكر أعمال العنف هذه أُصلّي من أجل الموتى والجرحى وعائلاتهم. لنطلب من الرَّبِّ أن يحوّل قلوب الإرهابيِّين ويحرّر العالم من الحقد والجنون القاتل الذي يستغل اسم الله لينشر الموت.                 

 

 

إذاعة الفاتيكان.