يوم في كفرناحوم «متفرقات

 

 

 

 

يوم في كفرناحوم

 

 

تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التبشير الملائكيّ مع وفود الحجّاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقبل الصّلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها:

 

يُشكّل إنجيل (مرقس 1/ 21-28) جزءًا من الرواية الطويلة التي تسمّى "يوم في كفرناحوم"؛ وتتمحور رواية اليوم حول حدث طرد روح نجس، يَظهر يسوع من خلاله كنبيٍّ عظيم في القول والفعل.

 

 دخل يسوع إلى مجمع كفرناحوم يوم السبت وبدأ يعلِّم ودُهش الناس بكلماته لأنّها ليست كلمات عاديّة ولا تشبه الكلمات التي كانوا يسمعونها عادة. في الواقع، كان الكتبة يعلِّمون ولكن بدون سلطة؛ أمّا يسوع فكان يعلِّم كمن له سلطان مُظهرًا نفسه كمرسل الله ولا كرجل بسيط عليه أن يؤسِّس تعليمه فقط على التقاليد السّابقة. يسوع يملك السّلطة الكاملة. وعقيدته جديدة ويقول لنا الإنجيل أنّ الناس كانوا يقولون: "إِنَّهُ لَتَعليمٌ جَديدٌ يُلقى بِسُلطان".

 

في الوقت عينه، يُظهر يسوع نفسه قويًّا في الأعمال أيضًا؛ وَكانَ في مَجمَعِ كفرناحوم رَجُلٌ فيهِ روحٌ نَجِس، فصاح: "ما لَنا وَلَكَ يا يَسوعُ النّاصِرِيّ؟ أَجِئتَ لِتُهلِكَنا؟ أَنا أَعرِفُ مَن أَنت: أَنتَ قُدّوسُ الله". هذا الرّوح النجس يعرف قوّة يسوع ويعلن قداسته. فَانتهَرَهُ يَسوع، وَقال: "اخرَس واخرُج مِنهُ!".

 

تكفي كلمات يسوع القليلة هذه لينال الغلبة على الشيطان الذي خرج من ذلك الرّجل: فخبطه وصرخ صرخة شديدة. لقد أدهش هذا الأمر الحاضرين، فَدَهِشوا جَميعًا حَتّى أَخَذوا يَتَساءَلون: "ما هَذا... حَتّى الأَرواحُ النَّجِسَةُ يَأمُرُها فَتُطيعُهُ!".

 

إنَّ قوّة يسوع تؤكِّد سلطة تعليمه. هو لا يتلفظ بكلمات فقط بل يتصرَّف، ويُظهر هكذا مشروع الله بالكلمات وقوَّة الأعمال. في الواقع نرى في الإنجيل أنّ يسوع في رسالته الأرضيّة يُظهر محبّة الله من خلال الوعظ ومن خلال تصرّفات الاهتمام العديدة بالمرضى والمعوزين والأطفال والخطأة.

 

 يسوع هو معلِّمنا القويّ في القول والفعل. يسوع ينقل إلينا النّور الذي ينير دروب حياتنا المُظلمة أحيانًا؛ ينقل إلينا أيضًا القوّة الضروريّة لتخطّي الصّعوبات والمحن والتجارب.

 

لنفكّر بالنعمة الكبرى التي نلناها بالتعرّف إلى هذا الإله القويّ والصَّالح. معلِّم وصديق يدلُّنا على الدّرب ويعتني بنا لاسيّما عند الحاجة.

 

 لتساعدنا العذراء مريم، امرأة الإصغاء لنعيش الصّمت حولنا وفي داخلنا، فنصغي في جلبة رسائل العالم إلى الكلمة التي تملك السّلطة الأكبر: كلمة ابنه يسوع الذي يعلن المعنى لحياتنا ويحرّرنا من كلّ عبوديّة.

 

 بلغني أمس من أفغانستان الخبر الأليم حول الاعتداء الإرهابيّ الذي حصل في العاصمة كابول مسببًا ما يقارب المائة قتيل والعديد من الجرحى. منذ أيّام قليلة حصل اعتداء خطير في كابول أيضًا زرع الرّعب والموت في فندق كبير. إلى متى ينبغي على الشّعب الأفغاني أن يحتمل هذا العنف غير الإنسانيّ؟ لنصلِّ من أجل جميع الضحايا وعائلاتهم؛ ولنصلِّ من أجل الذين لا يزالون في ذلك البلد يعملون من أجل بناء السّلام.

 

 يُحتفل اليوم باليوم العالمي لمرضى البرص. هذا المرض لا زال يضرب وللأسف الأشخاص الأكثر عوزًا وفقرًا. لنؤكِّد قربنا من هؤلاء الإخوة والأخوات ولنصلِّ أيضًا من أجل الذين يساعدونهم ويعملون من أجل إعادة انخراطهم في المجتمع.     

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.