الأحد الثالث من زمن العنصرة «الرسالة

 

 

 

 

رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل قورنتس (2/ 1-10)

 

الروح يعلّم

 

 

يا إِخْوَتِي، أَنَا، لَمَّا أَتَيْتُكُم لأُبَشِّرَكُم بِسِرِّ ٱلله، لَمْ آتِ بِبَرَاعَةِ الكَلاَمِ أَوِ الحِكْمَة؛

 

لأَنِّي قَرَّرْتُ أَنْ لا أَعْرِفَ بَيْنَكُم شَيْئًا إِلاَّ يَسُوعَ المَسِيح، وَإِيَّاهُ مَصْلُوبًا!

 

وقَدْ جِئْتُ إِلَيْكُم بِضُعْفٍ وَخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ شَدِيدَة.

 

ولَمْ يَكُنْ كَلامِي وَتَبْشِيري بِكَلِمَاتِ الْحِكْمَةِ والإِقْنَاع، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالقُدْرَة،

 

لِئَلاَّ يَكُونَ إِيْمَانُكُم قَائِمًا عَلى حِكْمَةِ النَّاس، بَلْ عَلى قُدْرَةِ الله.

 

غَيْرَ أَنَّنَا نَنْطِقُ بِالحِكْمَةِ بَيْنَ الكَامِلين، ولكِنْ لا بِحِكْمَةِ هذَا الدَّهْر، ولا بِحِكْمَةِ رُؤَسَاءِ هذَا الدَّهْرِ الَّذِينَ

 

مَصِيرُهُم إِلى الزَّوَال.

 

بَلْ نَنْطِقُ بِسِرِّ حِكْمَةِ اللهِ المَحْجُوبَة، الَّتي سَبَقَ اللهُ فَحَدَّدَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا.

 

وهيَ الحِكْمَةُ الَّتي لَمْ يَعْرِفْهَا أَحَدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ هذَا الدَّهْر، لأَنَّهُم لَوْ عَرَفُوهَا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ المَجْد.

 

ولكِنْ، كَمَا هوَ مَكْتُوب: «مَا لَمْ تَرَهُ عَيْن، ولَمْ تَسْمَعْ بِهِ أُذُن، ولَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَر، قَدْ أَعَدَّهُ اللهُ

 

لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ».

 

لكِنَّ اللهَ أَعْلَنَهُ لَنَا بِرُوحِهِ، لأَنَّ الرُّوحَ يَسْبُرُ كُلَّ شَيءٍ حَتَّى أَعْمَاقَ ٱلله.

 

 

 البُعد الروحي:

 

لقد اختبر بولس الرّسول حضور الرّوح القدس في حياته وتبشيره، وفي حياة المؤمنين. لم يلجأ بولس

 

في تبشيره لأهل قورنتس إلى براعة الكلام والفصاحة والبلاغة، بل جعل محور تبشيره يسوع المسيح

 

المصلوب. ولقد رافقته أعمال قادرة للرّوح القدس، وهو قوّة الله العاملة في قلوب المؤمنين. ومواهب

 

الرّوح هي علامة الاختيار في الكنيسة الأولى. ولا شيء يُغني عن المصلوب، فيه تتجلّى حكمة الله

 

وقدرته الأزليّة غير المتناهية، وعمل الرّوح القدس، منبع كلّ خلاص.