الرجاء هو العيش من أجل اللقاء بيسوع «متفرقات

 

 

 

صورة المرأة الحامل التي تنتظر بفرح اللقاء مع الابن الذي سيولد هي الصورة التي استعملها البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح يوم الثلاثاء في كابلة بيت القدِّيسة مرتا ليشرح معنى الرَّجاء الذي هو عيش في ضوء اللقاء الملموس بيسوع وبالتالي فالحكمة هي أن نعرف كيف نفرح بهذه اللقاءات الصّغيرة مع يسوع ونستعدّ لذلك اللقاء النهائي.  

 

 

 

 

استهلَّ الأب الأقدس عظته متأملاً بكلمتين: "رعيّة" و"إرث". في الواقع تحدّثنا عن الرعيّة القراءة الأولى من رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس (2/ 12 -22) إذ يكتب: "أُذكُروا أَنَّكُم كُنتُم مِن دونِ المَسيحِ بَعيدينَ عَن رَعِيَّةِ إِسرائيل، غُرَباءَ عَن عُهودِ المَوعِد، لَيسَ لَكُم رَجاءٌ وَلا إِلَهٌ في هَذا العالَم"، وبالتالي فهذه هديّة يمنحنا الله إيّاها إذ أعطانا انتماءًا ومنحنا هويّة. في الواقع إنّ الله قد ألغى الشريعة بيسوع ليصالحنا وقضى على العداوة لكي يجعلنا جَسَدًا واحِدًا، "لِأَنَّ لَنا بِهِ جَميعًا سَبيلًا إِلى الرَّبِّ في روحٍ واحِد". فصرنا هكذا بيسوع "أَبناء وَطَنِ القِدّيسينَ" وهويّتنا هي أنَّ الربّ شفانا وجعلنا جماعة وأننا نحمل الرُّوح القدس في داخلنا.

 

 

 

 

إنّ الله يجعلنا نسير نحو الإرث بثقة أنّنا أبناء وطن واحد وأنّ الله معنا. والإرث هو ما نبحث عنه في مسيرتنا وما سنناله في النهاية، ولكن علينا أن نبحث عنه يوميًّا؛ وما يجعلنا نمضي قدمًا في مسيرة هويّتنا نحو الإرث هو الرَّجاء، الفضيلة الأصغر ربّما والتي يُصعب فهمها. الإيمان والرَّجاء والمحبّة هي عطايا. يمكننا أن نفهم بسهولة معنى المحبّة والإيمان ولكن "ما هو الرَّجاء؟" إنّه أن نرجو السّماء نعم؛ وأن نلتقي بالقدِّيسين ونحيا السعادة الأبديّة ولكن: "ما هي السَّماء بالنسبة لك؟".

 

 

 

 

 عيش الرّجاء هو مسيرة نحو جائزة معيّنة، نحو السعادة التي لا نملكها هنا وإنّما في الحياة الأبديّة. إنها فضيلة يُصعب فهمها. إنّها فضيلة متواضعة ولكنّها لا تخيِّب أبدًا: إن كنت ترجو فلن يخيب ظنّك أبدًا. وهي أيضًا فضيلة ملموسة. قد يسألني أحدكم: "كيف يمكنها أن تكون ملموسة إن كنت لا أعرف ما هي السّماء وماذا ينتظرني؟". إرثنا الذي هو رجاء بشيء ما ليس فكرة أو مكانًا جميلاً بل هو لقاء ويسوع يشدّد دائمًا على هذا الجزء من الرَّجاء وهذا الانتظار.

 

 

 

 

 في إنجيل  لوقا (12 / 35 -38) يقوم هذا الانتظار على اللقاء بالسيِّد لدى عودته من العرس، وبالتالي فهو على الدوام لقاء بالرَّب، وأمر ملموس. عندما أفكّر في الرَّجاء، تأتي إلى فكري دائمًا صورة: صورة المرأة الحامل التي تنتظر طفلاً. تذهب إلى الطبيب فيريها المُخطّط الصوتيّ قائلاً: "إنَّ الطفل بصحة جيّدة!". فتفرح وتلامس بطنها يوميًا كمن يلاعب ذلك الطفل وبالتالي هي تعيش في انتظاره. يمكن لهذه الصّورة أن تفهمنا معنى الرَّجاء والعيش في سبيل ذلك اللقاء. فتلك المرأة تتخيّل يوميًّا كيف ستكون عينا الطفل وكيف ستكون ابتسامته وكيف سيكون لون شعره... وتتخيّل اللقاء به أيضًا.

 

 

 

 

يمكن لصورة المرأة هذه أن تساعدنا لكي نفهم الرّجاء ونسأل أنفسنا: "هل أرجو هكذا بشكل ملموس أم أنّني أرجو بشكل مُبهم؟" الرَّجاء هو أمر ملموس وهو أمر يوميّ لأنّه لقاء وفي كلِّ مرّة نلتقي بيسوع في الإفخارستيا وفي الصّلاة والإنجيل والفقراء والحياة الجماعيّة نقوم بخطوة إضافيّة نحو هذا اللقاء النهائيّ، وبالتالي فالحكمة هي أن نعرف كيف نفرح في لقاءات الحياة الصغيرة مع يسوع ونستعدّ لذلك اللقاء النهائيّ.

 

 

إنّ كلمة هويّة هي للإشارة إلى أنّه جعلنا جماعة واحدة والإرث هو القوّة التي بواسطتها يحملنا الرُّوح القدس لنسير قدمًا بالرَّجاء وحثَّ المؤمنين على أن يسألوا أنفسهم كيف يكونون مسيحيِّين حقيقيِّين وإن كانوا ينتظرون كإرث السَّماء كشيء مبهم أو كلقاء حقيقيّ.

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.