الشّباب والإيمان وتمييز الدّعوة «متفرقات

 

 

 

 

القسم الأوّل: التعرّف: الكنيسة تصغي للشبيبة

 

 

"الواقع أهمّ من الفكرة" (فرح الإنجيل 231-233). في هذا القسم نحن مدعوّون لنصغي إلى الشّباب وننظر إليهم في أوضاعهم الرّاهنة، وإلى عمل الكنيسة تجاههم. المطلوب مواجهة التّحدّيات واغتنام المناسبات، والتّحقّق من نداءات الرّوح القدس (الفقرة 4).

 

 

 

 

الفصل الأوّل: ما يكون الشّباب اليوم

يجب الذّهاب إلى الشّباب في نسيجهم الإجتماعي، في مجتمعهم. لا نستطيع عزلهم عن البيئة التي إليها ينتمون، وإلاّ ظلمناهم. إنّ لهم انتماءً إلى عائلة ووطن وثقافة وإيمان (البابا فرنسيس، الفقرة 5).

 

 

 

 

 

1. تنوّع ملحوظ في محيطاتهم

 

يوجد في العالم حوالي مليار وثمانماية مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 16 و 29، وهم أقلّ بقليل من ربع البشريّة. أوضاعهم تختلف كثيرًا بين بلد وبلد. في بلدان هم 30 ٪، وفي غيرهم 15٪ أو أقل. في بعضهم قمّة العمر 60 سنة، وفي غيرهم 80. إمكانيّات التّعليم والخدمات الصّحيّة والثروات البيئيّة والثّقافة والتكنولوجيا والمشاركة في الحياة المدنيّة والاجتماعيّة والسياسيّة تختلف بشكلٍ ملحوظ بين منطقة ومنطقة. وأيضًا في البلد الواحد نجد مناطق متقدّمة ومناطق في طور النّمو (الفقرة 6).

 

كشفت المشاورات: طاقات الأجيال الطّالعة وآمالها ورغباتها وسعيها إلى إعطاء معنى لحياتها؛ مخاوف الشّباب الاجتماعيّة والسياسيّة الّتي تعرقل مسار حياتهم ونموّهم؛ عدم المساواة الاجتماعيّة والسّياسيّة الّتي تولّد العنف والمسلك السيِّء وتعاطي المخدِّرات؛ الأنظمة السياسيّة الفاسدة التي تقحمهم على الهجرة إلى إلى بلدان أخرى، بالإضافة إلى أوضاع الحروب والفقر والبطالة وغياب الحريات الأساسيّة: الاجتماعيّة والدينيّة والسياسيّة. كلّ هذه الأوضاع تزجّ الشباب في حالة الفقر والبطالة والعزلة الاجتماعيّة والمخدّرات وشرب الكحول والضعف الاجتماعي والسياسي (الفقرة 7).

 

 

 

 

2. حِيال العولمة

 

بسبب تأثير العولمة على شباب اليوم من حيث انتمائهم الاجتماعي والثقافي المحلّي والوطني والدولي، وانتمائهم الكنسي، فإنّهم يسعون إلى مساحات أوسع للحريّة والاستقلاليّة بسبب اختبارات تصل من خلال التقنيّات الإعلاميّة والعلاقات مع العالم الغربي. كما يوجد خطر انتشار ثقافة الفردانيّة والاستهلاكيّة والمادّية والمتعيّة (الفقرة 8).

 

ويأتي السؤال: كيف نرافق الشباب في مواجهة هذا التغيير الثقافي الذي يهمِّش الثقافات التقليديّة الغنيّة بالقيم الإنسانيّة والاجتماعيّة فضلًا عمّا نلاحظ من مسافة بين الأجيال داخل الكنيسة (الفقرة 9).

 

في هذا السياق تجب الإشارة إلى الوحدة والتنوّع. وهو التنوّع على مستوى كلّ شخص وعرق وبلد وثقافة في هوّيته الخاصة. التعدّدية الثقافيّة تسهّل الحوار واحترام الرأي الآخر والفكر الآخر وحريّة التعبير. يجب تجنّب الأحادية وثقافة الإقصاء (الفقرة 10).

 

 

 

 

3. دور العائلات

 

في سياق هذا التغيير تبقى العائلة مرجعيّة مميّزة في مسار النموّ الشامل للشخص. ثمّة وجه إيجابي لكبار السّن الذين يساهمون في التنشئة على الهوية. وبالمقابل نشهد تراجعًا في نماذج العائلة التقليديّة، فضلًا عن التأثيرات السلبيّة التي تخلّفها صعوبات الحياة الزوجيّة والعائليّة والخلافات والانقسامات (الفقرة 1).

 

ويبان أنّ وجه الأم مرجعيّة مميّزة في حياة الشباب، أما وجه الأب فبحاجة إلى مزيد من التفكير، لأنّ غيابه، ولا سيّما في الغرب، يولّد التباسات وفراغات. ويبقى دور الأجداد مهمًّا لنقل الإيمان والقيم إلى الشباب. ويُشار إلى تزايد العائلات التي فيها واحد من الوالدين (الفقرة 12).

 

بالنسبة للعلاقات بين الشباب وعائلاتهم. بعض الشباب يبتعدون عن التقاليد العائليّة وكأنّها من الماضي وخارج الموضة. آخرون يبحثون عن هوّيتهم في التقاليد العائليّة ويجهدون في المحافظة على التربية التي تلقّوها. بعضهم يفصلون بين ثقافة الشباب والاخلاقيّة العائليّة. ويوجد شباب يريدون عيش علاقات أصيلة مستدامة، ويثمّنون توجيهات الكنيسة. كثيرون يرغبون في عقد زواج وتأسيس عائلة (الفقرة 13).

 

 

 

 

4. العلاقات بين الأجيال

 

يوجد نوع من الانقلاب في العلاقة بين الأجيال: بالغون يتّخذون الشباب مرجعيّة في نهج حياتهم حبًّا بذواتهم. لا ينقص فقط بالغون في الإيمان، بل ينقص بخاصّة بالغون بمستوى عمرهم. بين الشباب والبالغين غربة متبادلة وليس فقط صراع أجيال. البالغون غير معنيّين بنقل القيم الاساسيّة إلى الأجيال الشابّة لخوفهم من أنّ الشباب منافسون لهم. يُخشى أن تبقى العلاقة بين الشباب والبالغين عاطفيّة فقط، من دون أن تمسّ البعد التربوي والثقافي. أما الشباب فيرون في جمعيّة السينودس هذه التزامًا من قِبل الكنيسة في تعزيز الحوار بين الأجيال من ذوي العمر الواحد المميَّز بالقبول المتبادل والصداقة والتعاضد (الفقرة 15).

 

 

 

 

5. اختيار الحياة

 

يتميّز عمر الشبيبة كزمن مميّز حيث يجري الشخص خيارات تحدّد هويّته، ومسار وجوده، مثل: قرار مسار دروسه، اختيار الوظيفة، إعلان الإيمان، اتّخاذ التزامات تبدّل مجرى وجوده. أما قرار ترك العائلة والانطلاق في خيارات اساسيّة فيتبدّل وفقًا للعوامل الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة. بالنسبة إلى عمر اختيار الزواج أو الكهنوت أو الحياة الرهبانيّة فيتراوح بين بلاد وبلاد من 18 إلى 30 سنة، وفي بلدان أخرى بعد عمر 30، وفي غيرها البحث عن العمل إنما يتقدّم البعد العاطفي (الفقرة 16).

 

ولكن يوجد مصاعب عديدة تواجه خيارات الشباب. منها عاطفيّة ومنها اقتصاديّة واجتماعيّة، منها داخليّة ومنها خارجيّة، علمًا أنّه توجد ثروات لدى الشباب يجب تثميرها (الفقرة 17).

 

إذن عمر الشباب ليس فقط مرحلة عبور نحو الاستقلاليّة، بل هو وقت القيام بقفزة نوعيّة نحو الالتزام الشخصي في العلاقات والالتزامات، وزمن الاختبارات الصعبة والسهلة (الفقرة 18).

 

 

 

 

6. التربية: المدرسة والجامعة

 

مؤسسات التّربية والتنشئة هي مكان وجودي لنمو الشّباب العلمي والإنسان، ولتوجيههم نحو دعوتهم. ولكن توجد صعوبات من مثل: مناهج مدرسيّة وجامعيّة تعطي معلومات ولكنّها لا تثقّف، ولا تساعد على إنضاج الروح النقدي، وعلى تعميق الحسّ بقيمة العلم. في بعض البلدان لا تتوفّر هذه المؤسّسات، أو يلاحظ عدم توازن في الدّخول إليها، وفي أخرى شباب لا يعملون ولا يدرسون. إنّه حقل راعوي واسع أمام الكنيسة (الفقرة 19).

 

في هذا الإطار، وبخاصّة حيث الحاجة إلى مناهج تربويّة، تلعب الكنيسة دورًا كبيرًا بواسطة مؤسّساتها التّربويّة: مدارس وجامعات ومعاهد تقنيّة. لا توفّر فيها فقط المهارات العلميّة والمهنيّة، بل تساعد الشّباب على اكتشاف قدراتهم. ويكبر دور المؤسّسات الكاثوليكيّة حيث يتزايد الفقر والحرمان (الفقرة 20).

 

بالإضافة إلى المدرسة توجد الحركات والمنظّمات الرّسولية الّتي تلعب دورًا روحيًا في تنشئة أعضائها، وتؤدّي شهادة بنّاءة أمام شبيبة مجتمعاتها (الفقرة 21).

 

 

 

 

7. العمل والمهنة

 

العبور من المدرسة والجامعة إلى العمل المهنة يجد مسافة بينهما تجعله صعبًا. في أجوبة الشّبيبة على أسئلة الخطوط العريضة: 7، 82 ٪ يعتبرون إيجاد عامل ثابت أمرًا أساسيًا، لأنّه يؤمّن استقرارًا اقتصاديًا وحياتيًّا وإمكانيّة تحقيق ذواتهم 7، 89 ٪. العمل وسيلة ضروريّة ولو غير كافية لتحقيق برنامج الحياة وإنشاء عائلة (4، 80 ٪).

 

 

 

 

8. الشّباب وأنواع الإيمان والدّيانات

 

الأوساط الدّينيّة التي يعيش فيها الشّاب تقدّم الكثير من التّنوعات:

 

ففي بعضها الكاثوليك يشكّلون الأكثريّة، وفي غيرها أقلّية أحيانًا مقبولة وأحيانًا تخضع للتمييز العنصري، وأحيانًا مضطَّهدة حتى الاستشهاد.

 

- في بعض الأوساط تخضع المسيحيّة لنتائج خيارات ماضية بما فيها سياسيّة، أضعفت مصداقيّتها. وفي البعض الآخر يواجه الكاثوليك غنىً ثقافيًّا وروحيًّا لتقاليد دينيّة أخرى أو لثقافات تقليديّة.

 

- توجد بعض الاوساط المتعلمنة التي تعتبر الإيمان شأنًا خاصًّا، وأخرى يتنامى فيها تأثير الشيع الدينيّة، أو حركات روحيّة أخرى مثل New age.

 

- في بعض المناطق، المسيحيّة والدين معتبران أمرًا من الماضي، وفي غيرها ما زالا يشكّلان محور الحياة الاجتماعيّة.

 

- في بعض البلدان الجماعة الكاثوليكية غير متجانسة، بل تشمل أقليّات إتنيّة وثقافيّة ومحلّية، وايضًا دينيّة (تعدّدية الطقوس والكنائس)، وفي غيرها تفتح مساحة لمؤمنين مهاجرين (الفقرة 24).

 

 

 

 

التنشئة المسيحية - الجمعيّة الخامسة عشرة العاديّة لسينودس الأساقفة الشّباب والإيمان وتمييز الدّعوة