الكنيسة تحتاج لكهنة يتكلّمون بحنان ويصغون بدون إدانة «متفرقات

 

 

 

 

استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر يوم الإثنين في قاعة الكونسيستوار في القصر الرسوليّ بالفاتيكان المشاركين في المجمع العام لرهبانيّة الـ "Passionisti" وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال لقد قاد تأمّلكم خلال هذه الأيّام الموضوع "تجديد رسالتنا: امتنان، نبوءة ورجاء". تعبّر هذه الكلمات الثلاثة: امتنان نبوءة ورجاء عن الرُّوح الذي ترغبون من خلاله أن تحثوّا رهبانيّتكم على تجدُّد في الرسالة.

 

 

 

 

 إنَّ مؤسِّسكم القدِّيس باولو ديلا كروتشيه قد اتّخذ لنفسه ولرفاقه هذا الشعار: "لتكن آلام يسوع المسيح في قلوبنا على الدوام". ويقول عنه القدِّيس فينشنزو ماريا سترامبي: "يبدو أنَّ الله قد اختار الأب باولو بشكلٍ خاص لكي يعلِّم الناس كيف يبحثون عنه داخل قلوبهم". لقد أراد القدِّيس باولو ديلا كروتشيه أن تكون جماعاتكم مدارس صلاة حيث يمكن عيش خبرة الله.

 

 

 نجد في محور حياتكم ورسالتكم آلام يسوع التي يصفها المؤسّس بأنّها "أعظم عمل لمحبَّة الله". والنذر الذي يميّزكم والذي تلتزمون به بأن تحافظوا على ذكرى الآلام حيّة يضعكم عند أقدام الصَّليب الذي منه تنبعث محبَّة الله الشافية والمُصالِحة. أشجّعكم لكي تكونوا خدّام الشفاء الروحيّ والمصالحة اللذين يحتاجهما عالم اليوم المطبوع بالجراح الجديدة والقديمة.

 

 

 تدعوكم رسومكم لكي تكرِّسوا أنفسكم "لبشارة وإعادة تبشير الشعوب مفضِّلين الأشدَّ فقرًا في الأماكن المتروكة". إنَّ قربكم من الناس الذي يُعبّر عنه بحسب التقليد من خلال الرِّسالات الشعبيّة والإرشاد الرُّوحي ومنح سرّ التوبة هو شهادة ثمينة؛ إنَّ الكنيسة تحتاج لكهنة يتكلّمون بحنان ويصغون بدون إدانة ويقبلون برحمة. 

 

 

 

 إنَّ الكنيسة تسمع اليوم النداء القوي للخروج من ذاتها والذهاب إلى الضواحي الجغرافيّة والوجوديّة. والتزامكم في معانقة حدود جديدة للرسالة لا يعني فقط الذهاب إلى أراضٍ جديدة لتحملوا لها الإنجيل وإنّما أن تواجهوا أيضًا تحديات زمننا كالهجرة والعولمة والعالم الرقميّ. هذا يعني أن تكونوا حاضرين في تلك الأوضاع حيث يشعر الناس بغياب الله وأن تجتهدوا لتكونوا قريبين من الذين يتألّمون بأي شكلٍ كان.

 

 

 

 

 في مرحلة التغييرات هذه أنتم مدعوُّون لتكونوا متنبِّهين لحضور وعمل الرّوح القدس ولتقرؤوا علامات الأزمنة. إنَّ الأوضاع الجديدة تتطلّب أجوبة جديدة. لقد كان القدّيس باولو ديلا كروتشيه مبدعًا في الإجابة على احتياجات زمنه إذ اعترف – كما نقرأ في القانون – أن "محبّة الله لا تظهر في الكلام بقدر ما تظهر في أعمال ومثال الشخص الذي يُحب". وبالتالي فالأمانة المبدعة لموهبتكم ستسمح لكم أن تجيبوا على احتياجات الناس اليوم وأن تبقوا قريبين من المسيح المتألّم وأن تحملوه إلى عالم يتألَّم.

 

 

 

لقد أعطت رهبانيتكم العديد من أمثلة القداسة لشعب الله، لنفكر في القدّيس غابرييليه ديل الأدولوراتا شاب لا يزال اتباعه الفرح للمسيح يحدِّث شباب اليوم. إنَّ شهادة القدّيسين والطوباويين في عائلتكم الرهبانيّة تظهر خصوبة موهبتكم وتقدّم أمثلة يمكنكم أن تستلهموا منها خياراتكم الرسوليّة. إنَّ قوّة وبساطة رسالتكم، التي هي محبّة الله التي ظهرت على الصّليب، قادران على محاورة مجتمع اليوم الذي تعلّم ألا يثق بالكلمات وحسب وأن يقتنع بالأفعال فقط. يمكن لآلام يسوع أن تكون مصدر رجاء وشجاعة للعديد من شباب اليوم الذين يبحثون عن الله وأن تُظهر لهم أنَّ كل فرد هو محبوب بشكل شخصيّ وحتى النهاية. لتستمرّ شهادتكم ورسالتكم في إغناء الكنيسة فتتمكّنوا من البقاء على الدوام بالقرب من المسيح المصلوب وشعبه المتألّم.

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.