يسوع خبز الحياة «متفرقات



يسوع خبز الحياة


تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التّبشير الملائكيّ مع وفود من المؤمنين احتشدوا في ساحة القدّيس بطرس، ووجّه كلمة استهلّها بالقول:


تقدّم لنا الليتورجيّة هذا الأحد أيضًا، من إنجيل القديس يوحنا، خطاب يسوع حول خبز الحياة، ويقدّم لنا نص اليوم الجزء الأخير من هذا الخطاب ويخبرنا أنّ بعض الأشخاص قد تشكّكوا لأنّ يسوع قد قال: "مَن أَكل جَسَدي وشرِبَ دَمي فلَه الحَياةُ الأَبدِيَّة وأَنا أُقيمُه في اليَومِ الأَخير" (يوحنا 6، 54). يمكننا أن نفهم دهشة السّامعين؛ فيسوع في الواقع يستعمل أسلوب الأنبياء ليولّد في الناس – وفينا أيضًا – الأسئلة ومن ثمّ ليولّد قرارًا في النهاية أيضًا.


 ماذا يعني أن نأكل جسد يسوع ونشرب دمه؟ هل هو مجرد استعارة أو رمز أو أنّه يشير إلى شيء حقيقيّ؟ للإجابة ينبغي علينا أن نفهم ماذا حصل في قلب يسوع عندما كان يكسر الخبز للجمع الجائع. فهو وإذ كان يعرف أنّه ينبغي عليه أن يموت على الصّليب من أجلنا، تماهى يسوع  بذاك الخبز المكسور والمُتشارك، وأصبح بالنسبة إليه "العلامة" للتضحية التي تنتظره، وهذه العمليّة تجد ذروتها في العشاء الأخير حيث يصبح الخبز والخمر جسده ودمه حقًّا.


فيسوع يترك لنا الإفخارستيا من أجل هدف محدّد: لكي نصبح واحدًا معه، فهو يقول في الواقع: "مَن أَكَلَ جَسدي وشَرِبَ دَمي ثَبَتَ فِيَّ وثَبَتُّ فيه"؛ وبالتّالي فالمناولة هي مشابهة: لأنّنا عندما نأكله نصبح مثله، لكن هذا الأمر يتطلّب منا الـ "نعم" أي إيماننا.


 غالبًا ما نسمع من يقول "ماذا يفيد القدّاس؟ أنا أذهب إلى الكنيسة عندما يحلو لي وأصلّي أفضل بمفردي"، لكنّ الإفخارستيّا ليست صلاة فرديّة خاصّة بل هي خبرة روحيّة جميلة، ليست مجرّد تذكار لما فعله يسوع في العشاء الأخير. نحن نقول إنّ الإفخارستيّا هي ذكرى أي علامة تجعل آنيًّا وحاضرًا حدث موت وقيامة يسوع: فالخبز هو حقًّا جسده المعطى لنا والخمر هو حقًّا دمه المسفوك من أجلنا.


 إن الافخارستيّا هي يسوع نفسه الذي يعطي ذاته لنا بكاملها. فإن تغذّينا به وثبتنا فيه من خلال المناولة، وبإيمان، فستتحوّل حياتنا إلى عطيّة لله وللإخوة. فأن نتغذّى من "خبز الحياة" هذا يعني أن ندخل في تناغم مع قلب المسيح ونتشبّه به بخياراته وأفكاره وتصرّفاته. يعني أن ندخل في ديناميكيّة حبّ ٍ ونصبح أشخاص سلام ومغفرة ومصالحة ومشاركة تضامنيّة.


وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ بالقول: يختتم يسوع خطابه بهذه الكلمات: "مَن يأكُلْ هذا الخُبْز يَحيَ لِلأَبَد" (يوحنا 6، 58). نعم، لأنّ العيش بشركة حقيقية مع يسوع على هذه الأرض يجعلنا ننتقل من الموت إلى الحياة؛ فالسّماء تبدأ في هذه الشركة مع يسوع.  وفي السّماء تنتظرنا مريم أمّنا – وقد احتفلنا أمس بهذا السرّ. لتنل لنا النّعمة بأن نتغذّى بإيمان على الدّوام من يسوع خبز الحياة. 


إذاعة الفاتيكان.